يُعرف ذلك بنظرية الرجل العظيم: وهي الفكرة التي تُرجع أجزاء واسعة من التاريخ البشري إلى أفعال ما يُسمّون بالرجال العظام.

وقد دُحضت هذه النظرية بشكلٍ واسع في الوقت الحاضر، لكن اعتماد السرد التاريخي عليها لفترة طويلة ساهم في اختلال التوازن في القصص المروية عن النساء في التاريخ الذي يُدرّس في المدارس ويُتداول في أماكن أخرى.

يعمل متحف تاريخ النساء الأميركيات التابع لمؤسسة سميثسونيان على إعادة التوازن إلى هذا السرد، من خلال تسليط الضوء على الإسهامات البارزة التي قدّمتها النساء في تاريخ الولايات المتحدة. من المقرّر افتتاح المتحف بشكلٍ فعلي خلال العقد المقبل، لكن القائمين عليه يسعون في الوقت الراهن إلى إبراز النساء اللواتي هنّ بالفعل جزء من مجموعات سميثسونيان الواسعة، وهي أكبر مجمّع متحفي وتعليمي وبحثي في العالم.

يشمل هذا الجهد تحسين إمكانية الوصول إلى تلك المجموعات وإبرازها في المساحات التي يتواجد فيها الجمهور، أي ببساطة: جعلها أكثر إتاحة لعدد أكبر من الناس.

. . .

وهنا يأتي دور ويكيبيديا

قالت لي كيلي دويل كيم، منسقة المعرفة الحرة في متحف تاريخ النساء الأميركيات: أهدافنا هي إتاحة تاريخ النساء الأميركيات عبر الإنترنت ومشاركة مجموعاتنا والإنجازات التي حققّتها النساء على أوسع نطاق ممكن.

تتوسط كيلي دويل كيم في عملها بمؤسسة سميثسونيان تقاطعًا مهمًا بين مجموعات المتحف، وتاريخ النساء في الولايات المتحدة، والفجوة الجندرية في ويكيبيديا. ونتيجة لذلك، جمعت سميثسونيان بين هذه الجوانب الثلاثة لتنظيم فعاليات ساهمت في معالجة موضوعات محددة على ويكيبيديا. وأسفرت هذه الفعاليات في مجملها عن إضافة أكثر من 1.7 مليون كلمة، ونحو 12,000 مرجع جديد إلى مصادر موثوقة، وما يقارب 1,500 مقالة جديدة، فضلًا عن تمكين الحضور من التعرّف على كيفية تحسين ويكيبيديا بأنفسهم.

لنتأمل أحد تلك الفعاليات. في أكتوبر الماضي، تعاونت كيلي دويل كيم مع عدد من المنظمات لتنظيم مباردة تحريرية على ويكيبيديا ركّزت على نساء والنوع الاجتماعي الثالث ومتحولات الهوية الجندرية وغير ثنائيات الهوية من الأمريكيين ذوي الأصول الآسيوية وسكان جزر المحيط الهادئ. وبنهاية الفعالية، أضاف المشاركون أكثر من 20,000 كلمة إلى ويكيبيديا، توزعت على 69 مقالة، من بينها مقالة عن مومي كازيميرو، أول امرأة تمتلك شركة تصميم جرافيكي في هاواي.

تقول دويل كيم: نعيد كتابة النساء في صفحات التاريخ، أحيانًا من خلال إبراز إرثهن على ويكيبيديا؛ وأحيانًا عبر إبراز المصادر بمساعدة خبرائنا من أمناء المتاحف والأرشيفات؛ وفي بعض الحالات، من خلال إتاحة صور من مجموعاتنا لنجعل قصص النساء قابلة للقراءة والمشاهدة معًا.

وهذا أمر مهم: فالجميع يحتاج إلى قدوة. وكما قالت ماريان رايت إيدلمان، مؤسسة صندوق الدفاع عن الأطفال، بشأن ضعف تمثيل النساء في المواقع البارزة: كيف تحلم بأن تكون، إن لم تُبصر يومًا من يشبه حلمك؟

. . .

ضمن مؤسسة سميثسونيان، صممت كيلي دويل كيم، بالتعاون مع الويكيميدي المقيم واسع الخبرة أندرو ليه، دورة تدريبية على ويكيبيديا تُعد جزءًا أساسيًا من برنامج تأهيل المتدربين الجدد في متحف تاريخ النساء الأميركيات. وفي هذا السياق، أخبرتني دويل كيم: تمنح هذه الدورة للمتدربين، أياً كان تخصّصهم أو موضوع عملهم، معرفة أساسية عملية بويكيبيديا ومشاريع ويكيميديا، وفهماً لأهميتها في جعل مجموعات المعارض والمكتبات والأراشيف والمتاحف أكثر إتاحة للجمهور. كما تتيح لهم إدراك كيفية مساهمتهم في سد فجوات المعرفة في هذه المشروعات أو على الأقل الوعي بوجودها.

علاوة على ذلك، ساهمت -وستساهم- برامج التدريب الصيفية المدفوعة التي موّلها متحف سميثسونيان الأمريكي للمرأة والتاريخ في تمكين المتحف من تجريب أفكار جديدة لربط أعماله بالجمهور من خلال مشاريع ويكيميديا. إحدى هؤلاء المتدربات، ميا كارييلو،  التي تعمل الآن في وظيفة بدوام جزئي لدى المتحف للتركيز على سد الثغرات المتعلقة بالأمريكيين الآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ على ويكيبيديا. يمكنكم قراءة المزيد عن عملها على مدونة ديف، وهو رفيقنا الذي يجمع الأخبار والأنشطة من حركة ويكيميديا بأكملها.

تقول دويل كيم: أشعر بالحماس لتعليم جيل جديد من النساء — نساء نشأن في عالم كانت فيه ويكيبيديا دائمًا جزءًا منه — كيف يشاركن في تحرير المحتوى، وكيف يمكن أن تفتح لهن هذه المساحات الرقمية والمفتوحة فرصًا مهنية جديدة في بعض الحالات.

هذه المدونة جزء من سلسلة “افتح المعرفة: قصص“، التي تضم متطوعين من حركة ويكيميديا يساعدون العالم على جمع المعرفة البشرية جمعاء من خلال مشاريع ويكيميديا. إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن مفهوم العدالة المعرفية، وأهميتها، وكيف يمكنك مساعدتنا في تحقيقها، انضم إلينا في “افتح المعرفة“.

إد إيرهارت هو أخصائي اتصالات في مؤسسة ويكيميديا.